رسالة مفتوحة إلى الدكتور علاوي (أخيرة)

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
20/09/2007 06:00 AM
GMT



عن تسسيس الدين

 
ثمة الكثير من الخواطر كنت، اخي ابا حمزة، ساتعرض لها في هذه الرسالة المفتوحة، مما يشغلني، ويشغل الكثير من اصحاب الكلمة ورسالة الثقافة، والصبوات الطليقة غير المتحزبة، غير اني حاذرت من الاستطراد الى التفاصيل، واخترت التأشير على مشغوليات ساخنة، وهي مشغوليات – كما ترى- ليست ذاتية، ولا هي من فائض ردود افعال، او تخطيطات من خارج لوحة الصراع والمخاوف التي تعصف بنا.
وإذ اخاطبك، بهذه الصراحة، فاني احاور المشروع المدني اللاطائفي بامتداده العربي والكردي الذي اؤمن به، وافترض انه مشروعك قبل ذلك، حيث كان له، من بين امكانات اخرى، ان ينقذ البلاد من اهوال الحرب الاهلية، ويجنب العراقيين مآل الاقتتال العبثي، وكنت اعتقد ان الحياة وضعت هذا المشروع في قلب احتمالات التغيير.. وقبل بضعة اشهر كنتُ قد قلت لك هذا المفصل من الكلام امام اصدقاء.. واتذكر انك اومأت برأسك علامة الموافقة.
وبالامس ذهلتُ من تصريحك (بالتلفون) الى محطة سي ان ان وتعلن فيه انك لست ضد تسييس الدين، وتقول بالضبط “ان تسييس الدين حق طبيعي” وقد تساءلتُ عما بقي من علمانية اياد علاوي بعد ان جرى تمزيق مشروعه اللاطائفي في حمية معارضة الحكم، في وقت جر الاسلام السياسي بلادنا الى المحرقة الطائفية والمجهول بعد ان عُرف على نطاق واسع، حتى بالنسبة للسذج، بان تسييس الدين في العراق ليس سوى عنوان لتوظيف الدين في خدمة الطائفية (اطروحة اياد جمال الدين المعروفة).
بل ان مراجع وعلماء دين ومصلحين اسلاميين عراقيين معروفين، من الطائفتين، صاروا يتلمسون خطر تسييس الدين على السلم الاهلي، ويراجعون خطايا السنوات الاربعة الماضية اذ الحق هذا الخيار الضرر الكبير بالاسلام والشريعة وتسبب في احراق وهدم الاف المساجد ومقتل مئات العلماء والوكلاء والخطباء والمؤذنين ليس على ايدي علمانيين (طبعا) بل على ايدي مهووسين بالاسلام السياسي واحزابه ومنظماته التكفيرية، وقد اصدر اية الله السيد اسحاق الفياض نداء رمضانيا الى المبلغين والمبلغات بوجوب الابتعاد عن تسييس الدين والحذر من توظيف مساجد الله في خدمة الزعامات السياسية.
لقد ساعدني احد المحللين السياسيين بالقول ان اجازة الدكتورعلاوي تسييس الدين محسوبة بدواعي تطمين جهات خليجية تتحسس ازاء فكرة فصل الدين عن السياسة، ولما كنتُ محصنا ضد نظرية المؤامرة فقد استبعدت هذا التأويل ولم اتبناه، غير اني سابقى بحاجة ماسة لرصد المنفعة السياسية من وراء هذه الاستدارة، او من وراء هذه الرحلة المضنية “الى الحج والناس عائدة” كما يقول المثل.
واخيرا احسب، عزيزي الدكتور اياد علاوي، ان الهاوية المخيفة التي نقف على مشارفها تسمح لنا جميعا ان نتصارح، فليس ثمة وقت للمجاملة فيما نسمع صوت الدوي، من بعيد.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
.. وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
“النفس إذا مُدحت إتسخت”.
طبقات الشعراني
malasam2@hotmail.com